قبل بضعة أيام، تم تبرئة “لينش” في قضية استمرّت 12 عاما، اُتهم فيها بالاحتيال والمبالغة لسعر شركته والتي استحوذت عليها HP في 2011. فاحتفل على متن يخته، ولكن أتت عاصفة عنيفة وقلبت اليخت ومات غرقا قبال ساحل صقلية.
في فيلم “شكسبير في الحب” لعام 1998، في مشهد يشرح الملك للدائنين لماذا يبدو أن عمله دائما ما يهتم بالكارثة. وعندما سُئل، ما العمل حينئذ؟ رد: “من الغريب أن كل شيء على ما يرام”. (فورتشن)
للوهلة الأولى، هكذا يبدو عالم الأعمال في الظروف الاعتيادية. حيث يطمئن للأوضاع الهادئة أو الواعدة وتُنسى المخاطر المرابطة بالعمل. على سبيل المثال، وجد تقرير ThreatDown لعام 2024، أن معظم الهجمات السيبرانية تحدث في الليل عندما يكون موظفو الأمن المعلوماتي خارج الخدمة.
في 19 يوليو الماضي، تسبب تحديث CrowdStrike في تعطيل نحو 8.5 مليون جهاز ويندوز في العالم. العدد بسيط ولكن حجم الكارثة كان كبيرا، فقد أدى إلى فوضى في قطاعات مختلفة، منها البنوك والطيران والرعاية الصحية. قُدرت الاضرار بنحو مليار دولار، وأكبر الضحايا هو خطوط دلتا الجوية، حيث تعتزم بمقاضاة الشركة بنصف المبلغ المذكور (واشنطن بوست). ولكن، ردت الشركة أن مسئوليتها بأقل من عشرة ملايين دولار (فورتشن). كما أن تحمل التأمين مسألة معقدة في حال وجود بوليصة التأمين، حيث تتطلب تحديد نوعية المشكلة وما تم تغطيتها. فهناك فرق بين هجوم إلكتروني وتعطل النظام بسبب التشغيل، أو القصور في المهام.
ظاهرة أخرى، وفي انتكاسة جديدة، قالت Boeing في 20 أغسطس 2024، أنها وجدت تشققات في هيكل طائرة 777X خلال رحلات الاختبار الأولية، مما أدى إلى انخفاض السهم 5٪ في ذلك اليوم. (وول ستريت جورنال)
يأتي الحادث بعد انفجار لوحة في الجو على متن طائرة تابعة لشركة ألاسكا إيرلاينز 737 ماكس. بررت الشركة بنقص العمالة الماهرة، والتي تم التخلص بمجموعة منها خلال جائحة كورونا. وبعد تغير الأوضاع، قامت بتعيين العمالة التي لا تمتلك الخبرة (فورتشن).
ولكن ماذا بشأن قضايا ماكس 737! فقد اتفقت الشركة مع المدعين العامين الفيدراليين على الاعتراف بالذنب في تهمة جناية الاحتيال على الحكومة الأمريكية من خلال عدم الالتزام بشروط الاتفاقية التي أبرمتها بسبب دورها في حادثين مميتين من حوادث 737 ماكس في عامي 2018 و2019. وتلاحقها غرامة كبيرة التي تطالب بها عائلات ضحايا تلك الطائرة والتي تصل إلى 24.8 مليار دولار.
فلم تكن نهاية عمل الرئيس التنفيذي السابق “ديفيد كالهون” نهاية جيدة، الذي كافح لقيادة الشركة خلال جائحة كورونا.
عند تحليل هذه الظواهر، نجد أن المشكلة تكمن في هندسة الجودة. فالجودة الشاملة هي فن إدارة الكل للوصول إلى التفوق. ولكن هندسة الجودة هي التناسب بين التخطيط والأهداف، وبين آلية التنفيذ ونوعية العمل.
تتطلب أن تكون هناك إدارة مستقلة في الجودة تتبع الادارة التنفيذية، ومهامها ليس فقط التحقق من برامج الجودة، والتي تُعنى الدخول في تفاصيل العمل، بهدف تبسيط الاجراءات، واكتشاف الخلل والقضاء على العيوب، وأيضا تحسين ثقافة الجودة. ولكن هندسة الجودة تتعلق باستراتيجية العمل، والبحث بالضغوط التي تؤدي إلى ارتكاب الأخطاء، وتحمل الغرامات.
