Ayoon Final logo details-3
Search

رحم صناعي ينتج 300 ألف طفل سنويا

بقلم: صادق بن محمد سعيد اللواتي

أنقل إلى القارئ الكريم خبر تداولته قناة العالم الفضائية في 19 ديسمبر 2022م مفاده أن العلماء تمكنوا من اختراع أول رحم صناعي في العالم قادر على إنتاج 300 ألف طفل سنويًا: و(يوشكون على تصميم أول مرفق (رحم اصطناعي) في العالم والانتهاء منه تقنيا، لكن القيود الأخلاقية لا تزال تحول دون أن يرى المشروع النور. ووفقا لصحيفة “مترو” البريطانية، يتيح هذا المشروع الذي يدعى اكتو لايف (Ecto Life) إنتاج 300 طفل سنويًا.

تلك التقنية بدأت قبل أكثر من خمسين عامًا من البحث العلمي الرائد، والمفهوم وهو من بنات أفكار الدكتور “ايهام غايلي” المقيم قي برلين، وهو عالم في التكنولوجيا الحيوية ومحاور العلوم. ويقول غايلي إن هذا الختراع سيسمح للأزواج المصابين بالعقم بإنجاب طفل وأن يصبحوا الوالدين البيولوجيين الحقيقيين لنسلهم.
ويقدم أيضًا حلاً للنساء اللواتي خضعن لإزالة الرحم جراحيًا بسبب السرطان أو مضاعفات أخرى. وأنه يمكن أن يساعد أيضًا البلدان التي تعاني من انخفاض حاد في عدد السكان).

ليس هناك جديد في هذا الاختراع لأن نظام أنابيب الأطفال موجود منذ عقود وسنقرأ عنه بعد قليل، إلا أن هذا الرحم الاصطناعي يستطيع أن يستوعب أكثر من طفل ويمكن أن يربي الأجنة طوال فترة الحمل وأن الزوجة التي فقدت رحمها بسبب السرطان يمكن أن تصبح أما.
جميل جدًا، مع كل تطور جديد في العلم الحديث، مع العلم أن هناك العديد من علامات الاستفهام التي لم يتم شرحها لنا من قبل (العالم). لا أريد التوقف عند الخبر بأيدي مكتوفة، كما يُقال، أي بدون أن أشرح الخبر علميا بقدر امكاناتي. قد يكون القارئ لهذا الخبر غير مطلع وغير قادر على استيعاب مثل هذه الأخبار المثيرة، فقد يقول:”أليس هذا الإنجاز العلمي تدخلاً في شؤون الله؟” وهنا أريد أن أطمئن جميع الناس من هذه الفئة ومن كل الفئات أن ذلك ليس تدخلاً في شؤون الله، بل هو نتيجة ما علمه للإنسان (عَلَّمَ ٱلْإِنسَٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

نحن في بداية أول مائة عام من القرن الحادي والعشرين، ويصادف التاريخ الميلادي اليوم 2023.2.14 والطب في مختلف المجالات تقدم بسرعة البرق ولن يتوقف عند حد معين، طالما أنا أتحدث عن الخلق والولادة، فإن هذا الفرع من العلم قطع شوطًا طويلا حيث يمكن للجنين أن ينشأ خارج رحم الأم لبضعة أسابيع بفضل تقنية الأطفال الأنابيب.
سيساعد هذا الوضع العديد من العائلات على إنجاب ذرية حرموا منها بسبب مشاكل في جينات وتكوينات جسد الزوجين أو أحد الوالدين أو كلاهما وأصف هذا العائق أمام الإنجاب بأنه “عقم مؤقت” أي يمكن علاجه.
وهناك حالة أخرى وهي “عقم دائم”، لا علاج له، ولن ينجح المختصون مهما بذلوا من جهد وقد اعترفوا بذلك، لأن حكم الله فوق كل اعتبار. قال الله في الآية 50 من سورة الشورى: (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)، وبناءً على هذه الآية فإن بعض العائلات ستبقى محرومة من النسل، وعلم ذلك لله. لعلك سمعت المؤمنين الصالحيين الذين يعانون من هذا العقم، يرددون القول للإمام علي بن الحسين، عليه السلام: “ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور”.

في حالة العقم المؤقت، يتم أخذ البويضة والحيوانات المنوية وتتم عملية الإخصاب في المختبر، وتبقى (الأمشاج)، هي بويضة الأنثى الملقحة بماء الرجل، معنى (أمشاج) اختلاط ماء الرجل ببويضة المرأة، والمشج والمشيج هو الشىء المختلط بعضه في بعض ويثبت الله تعالى ذلك في آية 13 من سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى).
وتبقى الأمشاج لبضعة أيام هناك ثم تنتقل إلى رحم الأم لينمو الجنين بشكل طبيعي، مثل الشجرة المنقولة من المشتل وتزرعها في البيت.
ويبدو أنه ما قرأناه عن اختراع الدكتور المذكور أن الجنين يمكن أن يبقى في المختبر طوال فترة الحمل وبعدها يستلم الوالدان الرضيع، ويخرج من الرحم الاصطناعي كما يفقس كتكوت في الماكينة.
أما الإنجاز الثاني في مجال الخلق والولادة مكن العلماء الوالدين من اختيار جنس طفلهم القادم ذكر أم أنثى. يتم سحب البويضات (أكثر من واحدة) وتخصيبها بالمختبر، وبعد أيام يعرف الأخصائيون على جنس الجنين، ينقل الجنس المختار، أعزب أو توأم إلى رحم الأم لمواصلة عملية البناء، وهذا الإنجاز يخل بالتوازن بين الإناث والذكور في الهند، حيث كانت الإناث تشكل الأغلبية في الماضي واليوم انعكس التوازن وبذلك صار الذكور أكثر من الإناث.
وفي كثير من الحالات في الغرب، كان يتم تأجير رحم لامرأة أخرى عندما يكون رحم الزوجة معيبًا، وتنتقل “الأمشاج” إليها وتعتبر المرأة الحامل “حاضنة” وتتقاضى أجرة رحمها والمولود يتم تسليمه إلى المستأجر.
وقد قرأت منذ بعض الوقت، واحتفظ بمصدر هذا الخبر، القصاصة، أن اُمًا حملت جنينًا لحساب ابنتها التي لم تستطع الحمل. و(رأيت صورة الجدة (الحاضنة) وصاحبة البويضة (الأم الشرعية) وصاحب النطفة (الأب) والرضيع.
لم أتفاجأ بهذا الخبر مع الصورة وهو أن الجدة أنجبت حفيدها، لأن البذرة تنبت في الأرض، النطفة والبويضة هي البذرة والرحم هو الأرض، ولكن ما أتعجب منه هو كيف أصبح الحفيد أكبر من الجد؟ والأحفاد هنا نسأل أصحاب الكهف الذين قال عنهم القرآن (ولَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) الكهف آية 25. (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) الكهف 18.
إذن هناك حالتان، الأولى أن الجدة تلد حفيدها نتيجة “علم الإنسان ما لم يعلم” والثانية يكون فيها حفيد الحفيد أكبر من جد الجد، وهي من معجزات الله.
أياً من الحالتين تستدعي التعحجب والتفكير؟ كما أنني أتساءل كثيرا كيف تصنع الحيوانات المنوية الصغيرة جداً والبويضة الهشة إنسانًا في رحم الأم المظلم ولا تشعر بما يجري بداخلها؟ ربنا ما خلقت هذا باطلا.
والإنجاز الثالث الذي توصلوا إليه العلماء، هو أنهم تمكنوا من معرفة حالة “العقم الدائم” سواء كان في الذكر أو الأنثى وأنه لا علاج له، فهذا الاكتشاف معجزة أخرى للقرآن، لأن الله أخبرنا منذ أكثر من 1400 عام أنه لا يوجد علاج لمثل هذا العقم. بل أصبح اختبار العقم الدائم شرطًا لعقد الزواج في الغرب.

قد يُطرح في هذه المرحلة من التطور عدة تساءلات منها: أين دور الطين الذي خلقنا الله منه؟ وأين دور: يخلق ما يشاء؟ و…و..
وأقول لا يمكن أن يختفي هذا الدور إلى الأبد لأن العلماء لا يستطيعون اليوم وفي المستقبل القريب والبعيد إنتاج بديل لللحيوانات المنوية الذكرية والبويضة الأنثوية، وهما أصل الطين، ثم حملها التعليمات حول كيفية تكوين الجنين في رحم الأم.
اعلم أيها القارئ الكريم، أن هناك العديد من العلامات التي تدل على وجود الله، ولكن لو لم تكن هذه العلامات موجودة لكنت قد اكتفيت بهذه الحيوانات المنوية الصغيرة والبويضة الهشة اللذين ينتجان معًا مولودًا جديدًا في ظلمات الرحم في غضون تسعة أشهر، ألا يدل هذا على وجود الله؟

وفي الحقيقة لا يمكن للبشر أن يخلقوا “عينا”، ناهيك عن إنسان كامل، وحتى إذا استطاعوا إنشاء “عين”، سيحتاج العلماء إلى خلية عين أو ربما قطعة منها كما هو الحال بالنسبة للكبد الذي ينتجونه في المختبر.
كما يمكن للعلماء الوصول إلى جميع العلوم والمنتجات التي ليست في خيالنا. لكن أكرر لن يتمكنوا من تصنيع الحيوانات المنوية والبويضات، ثم تنزيل برنامج متعلق بصنع الإنسان.
أقول إذا وصل الإنسان إلى ما وصل إليه اليوم أو غدًا من التقدم فالفضل لله سبحانه وتعالى، فهو يقول في كتابه الكريم: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ثم يرجع إلى الإنسان، حيث استفاد من حكمة الباري – عزَّ و جلَّ – ويعرضها علينا جميعًا في كتابه الحكيم في قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ) الرعد: 11.
وفي الأخير أقول: لقد طبَّق هؤلاء العلماء حكمة الله على أنفسهم وأحرزوا هذا التقدم في جميع المجالات، أما نحن المسلمين فحدث ولا حرج.

secondplay

3 Videos
Play Video

TestPlaylist

3 Videos
Play Video