Ayoon Final logo details-3
Search

السادس من شهر شعبان في تاريخ عمان

صادق بن محمد سعيد اللواتي

هناك العديد من الأحداث في تاريخ البلدان التي يتم تسجيلها عادةً لتكون بمثابة مراجع؛ مثل التغييرات في الحكومات، ووفيات الشخصيات المرموقة، وزيارات الرؤساء الأجانب، والابتكارات، والكوارث، وما إلى ذلك.
وفي بلدان الصناعية، يتم التأريخ لمثل هذه الأحداث بشكل منتظم منذ قرون ولكن هذا النموذج لايكون هناك مثال له في معظم دول العالم الثالث.
في هذه الإطلالة، أود أن الفت انتباه العمانيين إلى حدث أصبح اليوم جزءًا من التاريخ. قد يكون أو لا يكون موجودًا في السجلات الرسمية. أود أن يعرف العمانيون عن هذا الحدث الذي استمر من عام 1932 حتى عام 1970م.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أولئك الذين ولدوا قبل عام 1965م وبعده ربما لم يسمعوا بهذا الحدث. ففي مثل هذا اليوم حسب التقويم الهجري، كان السادس من شهر شعبان عطلة رسمية ولكن هذا ليس هو الحال اليوم منذ عام 1971، وقد تم تغيير العطلة لتكون يومين وتتزامن مع 17 و18 نوفمبر.وهو يوم عيد ميلاد السلطان سعيد بن تيمور.

في كتابي باللغة الإنجليزية (عمان ما قبل 1970)، وثقت العديد من الأحداث والأوضاع التي كانت سائدة قبل عام 1970 مثل جغرافية السلطنة وسكانها والواقع الحالي للبلاد وعدد سكانها عام 1970م. كما أشرت إلى عدة قيود كانت مفروضة على المواطنين مثل: (عدم السماح للمرأة بالسفر خارج البلاد إلا بإذن من السلطان)، و(منع التدخين، ومن ضبط مدخنا يعاقب بالجلد والسجن)، و(كيف تدار الدولة)، كما تحدثت عن (عطلة السادس من شعبان).
وقد وزعت نسخة من هذا الكتاب بعد أن وافقت عليه وزارة الإعلام لنشره على جميع الوزارات تقريباً وبعض السفارات الأجنبية، وللأسف لم أسمع شيئاً من أي من الوزراء ولا حتى كلمة شكر. الأشخاص الوحيدون الذين ردوا بلطف هم سفير المملكة المتحدة والمدير الأول لشركة تنمية نفط عمان.

قد لا يعرف الكثير من العمانيين أنه خلال تلك الفترة لم يكن هناك قطاع عام بالوزارات كما هو الحال اليوم. بالنسبة للتعليم، فلم يكن هناك سوى مدرستين حكوميتين، واحدة في مسقط والأخرى في مطرح.
وقد تأسست المدرسة مسقط في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم تأسست الأخرى في مطرح عام 1955م، وفي كلتا المدرستين كانت الدراسة فقط حتى المستوى التاسع.
وفي تلك الأيام، كانت هناك مدرستان أهليتان في مطرح في وقت واحد، ويدير كل منهما معلم واحد، وتُداران من قبل مدرسين تخرجوا من مدارس مماثلة ولم يكن أي منهم مدرسًا محترفًا، حيث يتم تدريس اللغة العربية والإنجليزية والحساب. وقد كانت الرسوم الشهرية 3 روبيات تتقاضاها إدارة المدرسة، وكان المعلم يأخذ أربعة بيزات لكل يوم دراسي من كل طالب، وحتى لا يفقد المعلم دخله اليومي، اعتادت المدرسة أن تفتح أبوابها كالمعتاد في تلك العطلة الرسمية.
وكان أحد “عساكر” الوالي يأتي إلى المدرسة ويأمر بإغلاقها، والطلاب كانوا ينتظرون مجيئه بفارغ الصبر حتى ولو بدأت العطلة بعد انقضاء نصف اليوم فلا مشكلة، وكانت إجازة نصف يوم أفضل من لا شيء.
وقد اعتاد العسكري أن يأتي بعد أن يكون المعلم قد حصل على أربع بيزات من كل طالب؛ فلن يخسر المعلم شيئاً من دخله إذا أغلق المدرسة في وقت الضحى.

تصف بعض وسائل الإعلام فترة حكم السلطان سعيد بن تيمور بأنها فترة مظلمة. وقد يكون هذا صحيحًا نوعا ما إذا ما وضعنا مقارنة بين عهده وحكم ابنه السلطان قابوس – طيب الله ثراه – ومن ثَمَّ يجب أن ندرك أن لكل مرحلة ظروفها الخاصة، ولكن هناك العديد من النقاط المضيئة التي لم يتم الكشف عن الكثير منها.
اسمحوا لي أن أذكر أحد الإنجازات غير العادية لصاحب الجلالة السلطان سعيد بن تيمور والتي كنت شاهداً عليها وأنا عملت في قوات السلطان المسلحة في الستينيات فلا ينبغي أن تظل مخفية في تاريخ عمان.
كان السلطان سعيد بن تيمور هو الذي وحَّد أراضي عمان التي كانت مبعثرة، بعض منها إما تحت سيطرة مجموعات مختلفة من الأفراد أو كانت محتلة. وإذا رأينا عمان اليوم كوحدة واحدة، فكل ذلك يرجع إلى جهوده الدؤوبة، فعندما تولى مقاليد الحكم في البلاد عام 1932م، امتد حكمه في منطقة الباطنة إلى صحار وكانت بقية الأراضي خارجة عن سيطرته، فقد كانت المنطقة الداخلية خارجة عن سيطرته تمامًا، وكذلك المنطقة الشرقية من ولاية صور حتى حدود حدود صلالة فقد كان يحكمها “أمير”. وكذلك كانت “البريمي وملحقاتها” في قبضة السعوديين.
وقد وحد السلطان المغفور له – بإذن اهمن تعالى – سعيد بن تيمور كل تلك الأراضي المشتتة والمتمردة في عمان بجهوده الجبارة تحت اسم (سلطنة مسقط وعمان)؛ فهو الباني وحدة عمان بكل معنى الكلمة؛ لذلك لم يكن كل شيء مظلمًا، بل كانت هناك نقاط إيجابية في فترة حكمه
فقد يقال إن الظلمة تغطي كل بياض وهذا للأسف محزن، ربما تم أيضًا تسجيل بعض أو كل هذه الأحداث في الملفات التاريخية للدولة بمزيد من التفاصيل مع تواريخها.

أود أن أوضح نقطة في هذا المقال من أجل التاريخ، فأنا أشعر أنها قد لا تجد مكانًا لها في السجل التاريخي للدولة وهي أنه في السادس من شهر شعبان من كل عام كان والي مطرح يطبخ وجبة غذاء في موقع “البرزة” ليستمتع بالوجبة كل من حضر.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه قبل يوم واحد، كان أحد عساكر الوالي يتجول في الشوارع، ويقرع الطبول، ويعلن عن تنظيم غذاء في بيت البرزة، ويتردد “باكر عيش في البرزة”، وكانت هذه الوسيلة الإعلامية في تلك الأيام.
وفي اليوم نفسه جرت العادة على الحاج علي عبد اللطيف اللواتي شيخ قبيلة اللواتية وأحد أعيان مطرح وقبله أخوه الشيخ باقر عبد اللطيف أن يطهوا وجبة عشاء بالقرب من منزلهم على ساحل مطرح ليتم توزيعها على الفقراء تكريما لذكرى ميلاد جلالة السلطان سعيد بن تيمور بعد صلاة العصر، وبالنسبة لأهل مطرح، كانت إقامة احتفالات تكريم حاكم البلاد تُعتبر شرفًا لهم.. عشتم وعاشت السلطنة بخير.

secondplay

3 Videos
Play Video

TestPlaylist

3 Videos
Play Video