اللهُ أكبرُ زُلزلَت. زلزالها
والله ربُّ العَرشِ قد أوحى لها
*
وتناقلوا تفسيرهم في رهبةٍ
هذا حديثُ الأرضِ فلتُصغوا لها
*
كَثُرتْ معاصيكم ألا فَلْتَرعَوُوا
زلزالُها يحكي لكم أهوالَها
*
صَدَحَ الذي يهوى العلومَ مغرِّدًا
سرُّ الطبيعَةِ، فاسمعوا أقوالها
*
هذا الذي غشيَ البلادَ مُزلْزلًا
لا تحسبوا رجزًا، عقابًا، نالها
*
لكنّه علمُ الطبيعة فاسمعوا
يهتزّ جوفُ الأرضِ تشكو حالها
*
إنَّ الطبيعةَ للخلائقِ أسفَرتْ
عن وجهِها،كيما يرَوْا أفعالَها
*
أثقلتموها بالمعاصي زُلزلتْ
عانَتْ ضغوطًا، أخرجتْ أثقالَها
*
يا أيها البشرُ الشنيعُ فعالُكم
وبها عبثتُمْ، فاحصُدوا إعلالَها
*
فالأرضُ سخّرَها الإلهُ لخلقِه
ورأيتُمُ ردَّ العطا إهمالَها!!
*
ويقولُ مَنْ إيمانُه كلماتُه
اُنظرْ عظيمَ فعالِه وجَلالَها
*
هذا الحوارُ غريبةٌ أفكارُه
فالأرض تبكي لا تريدُ سؤالها
*
العلمُ نورٌ والعقولُ شواهدٌ
ومن التفكُّر أنْ ترى إذهالَها
*
والعلمُ أدركَ حينَ لاحظَ مُخلصًا
أنَّ الطبيعةَ لنْ تغيّرَ حالَها
*
والعلمُ لم يَضَعِ السماتِ لما يرى
بل راحَ يشرحُ، مُفهِمًا جُهّالَها
*
تلك الطبيعةُ نعمةٌ لكَ أُوْجِدَتْ
جزءًا من التسخيرِ ربُّكَ قالَها
*
ويشاءَ ربُّكَ حينَ سخّرَها لنا
جَعْلَ المياهَ حياتَها وجمالَها
*
خلقَ البحورَ كثيرةً ولحكمةٍ
فالشمسُ تشربُها، ترومُ وِصالَها
*
فتصيرُ غيْمًا بل ركامًا مثقلًا
بالماءِ،حدّدَ ربُّنا تهطالَها
*
فسَقى العبادَ، سقى البلادَ وزانَها
والغيثُ وافى سهلَها وتلالَها
*
فتفَتَّحتْ أزهارُها غَزَتِ الربا
وغدتْ ثمارًا أتقنتْ أعمالَها
*
والنحلُ في دَأَبٍ رحيقًا تجتني
وبِوَحيِ ربِّكَ قدَّمَتُ أعسالها
*
والنارُ سخّرَّها وتحرقُ من دنا
دفءٌ ونورٌ، إنْ تُرِدْ إشعالَها
*
لمّا أرادَ اللهُ ألجمَ نارَهم
أن تحرقَ الداني صفاتٌ زالَها
*
ما أحرقَتْه ولم تُعذِّب جسمَه
بردًا سلامًا للنبيِّ أحالَها
*
هذي الخَلائقُ كلُّها بغريزةٍ
تحيا، وتقضي في رضًا آجالَها
*
لو شاءَ ربُّك لاختفتْ خيراتُه
ورأى الجَحُودُ عقابَه وزوالَها
*
فالله أكرمَ عبدَه في وضعِه
هذا التوازَنَ بين ما أعطى لها
*
لكنّما الإنسانُ عربَدَ وافترى
عبثَتْ أصابعُه بها فاغتالَها
*
فتلوّثَتْ أنفاسُنا منْ جهله
صفعَ الطبيعةَ ناويًا إذلالَها.
*
عُودوا لهُ، واستغفروا لذنوبكم
تجدُوا الطبيعةَ خفَّفت أهوالَها
*
واللهُ يقبلُ من أنابَ بتوبةٍ
والنفسَ عن دربِ الحرامِ أمالَها
*
زلزالُ تركيّا وسوريّا معًا
أضحى دروسًا لا نرى إغفالَها
*
ناموا، وعانقتِ الظلامَ جفونُهم
في ليلةٍ كانَ الأنيسُ هلالَها
*
وصَحَوا فأصبحتِ الحجارةُ فرشَهم
والموتُ فوقَهمُ يُري أطلالَها
*
أُسَرٌ وأطفالٌ قضَوا في لحظةٍ
والأمّ ثكلى فارقتْ أنجالَها
*
صوتُ الأنينِ يذوبُ في نبَضَاتِهم
والكلٌّ يرقبُ مُستغيثًا والِها
*
والمنقِذون يُتابِعون بلهفةٍ
صمَتَ الأنينُ، فتلك لا منجى لها
*
ياربُّ ضاقَتْ في الحياةِ نفوسُنا
هذي المصائبُ، وزعتْ أنفالَها
*
إنّ النفوسَ ببابِ عفوِك ترتجي
ربّاهُ حقِّقْ بالرضا آمالَها
*
ربّاه وارحمْ كلّ من وارى الثرى
واجعلْ إلهي للجنان مآله