Ayoon Final logo details-3
Search

يوميات شخصية تربوية

خديجة بنت عبدالرحمن بن سالم القاسمية مديرة مدرسة مساعدة

“يجب أن يكون هدف التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة هو تنشيط رغبة الطفل الطبيعية في التعليم، وليس بإكراهه على التعلم” ماريا مونتيسوري

ما إن وضعت حقيبتها على مكتبها صباحا، حتى تبادر إلى سمعها:

متى سوف تحذف مادة الرياضيات من المدارس!!

التفتت بعد لحظة صمت، لتجد أمامها إحدى الأمهات، خلفها طفل متشبث بعباءتها وقد شارف على البكاء، بينما هي تخوض مع الخائضين مرددة عبارات قد عفا عليها الزمان.

طفلي لا يفهم شرحك، المادة معقدة، المادة صعبة، لما لا يتم حذفها لكي نرتاح منها، ناهيك عن المدرسة والواجبات والتحضير والنهوض مبكرا وما إلى ذلك من العبارات التي كانت ترددها دون وعي منها او إدراك.

الإدارية: هل أنهيت حديثك؟

الأم: الحديث لا ينتهي إلا حين نجد منكم ما يجده أطفالنا منا.

الإدارية بصوت غلب عليه الهدوء: حمدا لله

ثم أكملت هلا تفضلت بالجلوس؟

الأم: حسنا

وتقدمت لتجلس بينما طفلها لا يزال متمسكا بعباءتها حتى كادت أن تقع

فضربته على يده وبصوت عال نبهته بأن يترك عباءتها.

في حين باءت محاولات المعلمة في آخذه لصفه بالفشل!!!

فطلبت الإدارية من المعلمة أن تقوم بضرب الطفل واخافته بصوت عالي لكي يمتثل لأمرها،

جاء هذا الطلب كالصاعقة على أذن الأم، بينما المعلمة تنظر للإدارية بنظرة استغراب محاولة أن تفهم ما يدور حولها.

قطع حبل أفكارها صوت الأم وهي تقول بعصبية: تطلبين منها أن تضربه أمامي، إذا ما الذي يحدث في غيابي؟ بالتأكيد تقومون بمعاقبته وضربه؟!

ابتسمت الإدارية وبكل هدوء: لقد امتثلت لأمرك، فأنت من طلب منا أن نكون مثلك في التعامل مع طفلك، وبأن حديثك لن ينتهي إلا حين يجد طفلك منا ما يجده منك، وهذا ما أظن بأن طفلك يجده منك، لذا انتهى الحديث.

في الواقع لم ينته الحديث، وربما سيظن الغالبية بأن تتمة القصة أن اعتذرت الأم وأدركت خطأها، إلا أن الواقع قد يكون خلاف ذلك وقد يزداد الحديث حدة وينتهي بمشكلة.

لست هنا بصدد كتابة قصة تحمل نهاية سعيدة وإنما بصدد طرح إشكالية ومشاهد متكررة نتاجها السلبي يعود على الطفل بالدرجة الأولى وقد يحمل تبعاتها حتى يكبر، لذا لابد وأن يكون هناك تواصل إيجابي وفعال في المجتمع المدرسي بمختلف مكوناته وأن تكون هنالك مجموعة أهداف يتفق عليها الجميع ويسعى الجميع إلى تحقيقها بحيث تبدأ من المتعلم وتنتهى عنده أيضا, إن الرفض المتكرر لدى بعض الطلبة هو سلوك لابد من دراسته ومعرفة أسبابه في محاولة فعلية وحقيقية لتغييره, فلا يجب أن يتم تعزيز هذا السلوك لدى الطلبة, ولابد أن يكون هنالك وعي لدى الجميع بأن تعزيز السوك بشكل عام ليس فقط إعطاء الهدايا مقابل السلوك السوي وإنما مجرد تحقيق رغبة الطفل في عدم الذهاب إلى المدرسة يعد تعزيزا لسلوك الرفض لدى الطفل ويساهم في ترسيخ مبدأ الرفض لدى الطفل ويساهم في استمرار مواصلة الطالب لسلوك الرفض سواء بالصراخ او الصياح او العناد وذلك نتيجة تكون فهم وقناعة لدى الطفل بأن ما يريده سيتم تنفيذه.

من جانب آخر لابد وأن تكون هنالك ممارسات صحيحة لأسلوب الترغيب والترهيب في التعامل مع الآخر, وهو نهج قرأني يدركه المتمعن في آيات الله سبحانه وتعالى, حيث نجد أسلوب الترهيب متبوعا بالترغيب والعكس, والأمثلة عديدة في القران الكريم وكذلك الأمر في السنة النبوية, إن الطبيعة الفطرية تحتم علينا وعلى الأطفال اتباع ما نحب والتقرب منه, والحياد عن الأمر الذي لا نطمئن له ولا نرغب فيه حتى وإن كان باطنه الخير لنا, من هنا لابد وأن يكون هنالك تطبيق صحيح لمنهج الترغيب والترهيب,  إذا لابد وأن تكون هنالك طرق و وسائل يتبعها كلا من مجتمع أولياء الأمور ومجتمع القادة والمعلمين في المؤسسات التعليمية بشكل يساهم في تحسين صورة المدرسة والعلم لدى الطفل.

إن طبيعة التعامل ما بين الطفل وولي الأمر له دور بارز في عملية تحسين ممارسات وسلوكيات الطفل سواء في المدرسة أو خارجها، والنظام المتبع في التعامل داخل المنزل يكون له انعكاسه الإيجابي في الخارج، التفاصيل الصغيرة التي يتم اهمالها في بعض المواقف يكون نتاجها أكبر مما قد ندرك في ذات اللحظة، لذا لابد وأن يكون هنالك نوع من الصبر وتكون هنالك فسحة أكبر للعلاقات الإنسانية والاجتماعية في التعامل كما لابد وأن نتحلى بالذكاء العاطفي وكذلك الاجتماعي في التعامل مع مختلف المواقف، وبذلك نضمن واقعا افضل.

إن ما نردده على مسامع أطفالنا يصبح أمرا حقيقيا بالنسبة لهم, فطفل في الصف الأول ولا يزال في الأسبوع الثاني من الدراسة بكل تأكيد لا يعي صعوبة المنهج من سهولته, وولي أمر قد درس منهجا قبل خمسة وعشرون عاما ترسخ في ذهنه خلالها بأن المادة صعبة ليس بالضرورة ان يعيش طفله ذات الصعوبة, الحياة ليست مجرد عبارات نرددها ونؤمن بها بل ويتم تقديسها في بعض الأحيان, إنما هي مجموعة من التجارب المختلفة تبعا للزمان والمكان, لابد أن نفهمها وننقلها بشكل إيجابي للأجيال القادمة, ما افسدناه بأيدينا وعقلياتنا لابد وأن نصلحه بأنفسنا.

secondplay

3 Videos
Play Video

TestPlaylist

3 Videos
Play Video