سيظل الاِنتماء لقضايا التراث الإنساني المحلي والعالمي أحد الخصائص التي تميز الشخصية الوطنية والعربية وكافة شعوب العالم. بعد أن أضحى الااهتمام بعلم الآثار في وقتنا الحاضر من أهم أولويات الشعوب والدول والمنظمات والأفراد، ولم يقتصر هذا الاِهتمام على المتخصصين فقط، بل شاركهم الهواة وغير المتخصصين في التطلع إلى معرفة المزيد من المعلومات التاريخية وما تسفر عنه الدراسات والبحوث الجديدة في علم الآثار، ومرجع ذلك هو إدراك كافة الجهات المعنية بقيمة الكشف الأثري ونتائجه ووضع البرامج العلمية للحفاظ على التراث الإنساني العالمي، كما إن الفكر حين ينتقل من جيل إلى جيل يجمع تحت لوائه رجال العلم في اِتحاد عظيم ؛ فإن الفرد يجد فيه نصيبه، ومهما كان هذا النصيب ضئيلاً فمكانه إلى الخلود، مع إن الحضارة حين تستقر في أمة من الأمم أو شعب من الشعوب لا يكفي أن يقوم على رعايتها علماء وهبوا أنفسهم للبحث والدرس، بل لابد أن يكون إلى جانب هؤلاء العلماء المخلصين جنود ومال وعتاد وشخصيات تاريخية، قادرة على النهوض بالأرض والشعب والأمة، فالحضارة لا تموت وهي تبقى حيـة تختبئ في ثناياها كنوز العلم – تراث الأمم- في بيئته الأولى حتى يهيئ الله لها قوماً يحافظون عليها و يعملون لحمايتها، لتظل شمسها ساطعة أبد الدهر.
إن أولويات عالمية للدول والشعوب تتمثل في بذل أقصى الجهود للحفاظ على التراث الإنساني وترميم وصيانة الآثار ودعم وتنشيط الكشف الأثري ونشر نتائجه العلمية والحفاظ على الكنوز الحضارية ومقتنيات المتاحف الوطنية وجمع الرواية التاريخية الشفاهية وتدوينها والنهوض بالثقافة والحفاظ على روافدها المتنوعة والحفاظ على اللهجات المحلية واللغة والهُوِيَّةُ الوطنية بشكل عام، بالإضافة إلى الترويج الثقافي والسياحي محلياً وإقليمياً ودولياً، ونشر الوعي الثقافي.
لذا ندعو إلى إصدار كود وطني لترميم وصيانة الآثار، ووفقاً للمواثيق الدولية لترميم وصيانة الممتلكات الأثرية والتراثية والحفاظ على التراث الإنساني العالمي، كما نؤكد على ضرورة وضع برامج تأهيل وتدريب لجميع العاملين في الحقل الأثري والعمل على تنظيم الندوات وورش العمل والمؤتمرات العلمية المختلفة.