لضفافها التي لايسعها كون ولامجرة
لرونقها الذي لا تحمله أفلاك
لصبرها الذي يعلو صبر أيوب وحزن يعقوب، لاصطفاف ايامها الرصينة بهالة المواجع، لذخيرة أحلامها التي خشيتُ عليها من التصدع والانقراض،
لانينها الخافت الذي تتبعه النوارس لتعلو وتعلو في سماء الله
لشيلتها المكسوة بصلادة الجبال
وعلوها حين تنوح سرًا قرب سراجها الذي تحاكيه عن اوجاعنا، وهي تذوي عند فجر يهادن النهار
لعناقها المختوم بمسك الله
لرماد أغانيها بعد أن عجزت كل المواويل والنايات عن سرد حنينها الملفوف بعطب أيامنا، لا محال
لدموعها التي تتهاطل من السماء مخاطبة إياي (دللول دللول الولد يا ابني دللول عدوك عليل وساكن الچول)
لفرط هيامها المعسول واتوق إليه عند كل صرخة علت بها إلى جلال بارئها وحده وهي تتضرع بحرقة تفوق جمر البراكين حتى نكون نحن الأولاد الفارين من حجيم هذه الأرض صبية نافعين صبية ذو بهاء يكفي لحجم مرارتنا التي تتحدث عن ذلك الخراب بكل تأنق يليق بذلك الشموخ المنكسر
لذلك الوشم الذي يطرز يديها وفطرتها التي تسمو عند سحنتها المتعبة من هول فواجعنا
لذلك العطر السماوي الذي يتساقط من شفاهها وهي تبتهل قيامًا وقعودًا إلينا نحن المعطوفين على العناد والمنكسرين من التبجح ومرارة الفقدان
نحن الذين لم نعِ كم هي عظيمة وتترى في حمل هودج همومنا اللاتي يتكررن عند مرسى كل خطيئة نقترفها من دون وجل
لهندامها اليومي الذي لا تقوى على تركه بعد أن تسمل عليها وفرك أيامها على عجل لمقابر الوحشة كلها لكل هذا سأصلي وأصلي لكل هذا البون الشاسع الذي لا نستطيع الوصول إليه مهما فعلنا فالآثام تعلو على ذلك العصيان الذي كنا نتشبث به من دون دارية مطلقة
إليها وليس لغيرها
لأمي وأم كل هذا الكون تلك المحملة بالطين السومري وقصبه الأصفر ولسلالة هول نحيبها الذي توسد خصلات شعرها الذي اختلج ببياضه المنسوخ من عرش الله
إليها ولبيادق حزنها من طفوف وحتوف كربلاء وقيامة كل هذا الكون بعد أن اغرقتها الأيام بخرابها لتشح قناديلها التي علمتنا إنها نور الله في أرضه وسماءه
إنها أمي وكفى.