أجدٌكَ لو أنٌَ (١) الرٌُبا تتكلم
لهبٌَ حديثُُ من شذاها مهوٌّم
*
و طبٌَق ما بين المعالم نشره
ليغرى به في شدوه المترنم
*
يَضوعُ بفوٌَاح الأريجِ أريجُه
ويفصح عما تحته ويترجم
*
وِيُسمعُ بالتٌَسبيح كل مُسبٌَح
ويَصدَح بالتَنزيل منه مرنٌّم
*
فليس أديم الارض لو تفحص الثرى
سوى من جمانٍ، بل أجلٌُ وأكرم
*
تريٌَثْ.. فما تحتَ الثٌرى غيرُ مورقٍ
تتيه به الدنيا علاٌ أو تهوٌّم
*
وربٌّك ما تحتَ الثرى غير عابد
يأوٌّبُ، أو داعٍ يغور ويتهم
*
وما تحت هذي الأرض إلاٌ مسبح
مناجٍ ، وإلا عابد مترحٌّم
*
وما تحتَه لو كنتَ تدركُ كنهَهَ
سوى أنجمٍ قد أنجبتهُنٌ أنجم
*
قفا بي خليلي الغداة بمربع
إذا قِيسَ بالأفلاك فهو المقدم
*
تَعاهدَه الأملاكُ في غدواتِهم
فضاء به منهم مقامُُ ومَعلم
*
يطوفون منه كالحجيجِ بمكةٍ
يهشٌُ بهم حجرُُ وتُورِق زَمزَم
*
وتشرق حارات وتسطع هضبة
وتلمع بالانوار في الترب أعظُم!
*
أولئك قومي، من صحابة أحمد
لهم مددُُ من نحوهِم، أو هُمُ هُُم
*
فما لَهمُ إلا منَ الذٌّكر مَشرَبُُ
وما لهم إلا من الذٌّكر مَطعَم
*
تهادَوا عليه، مالَهم غير آيهِ
حياضُُ ، ولا وِردُُ أعز وأكرم
*
قضوا دهرَهم ما بين تالٍ مروٌَعٍ
وأصيدَ يدعو للإله ويَعزِم
*
فإن بَرِقت بيضُ المنَايا رأيتهم
كمثلِ الضٌواري حين تعدُو وتقدِم
*
يفدٌُون أمرَ اللهِ ، والبيضُ شُرٌَعُُ
عليهِم ، وساحُ الرٌوع يهفو بها الدٌَم
*
فما منهمُ إلا هُمامُُ مُحَنٌَك
وما منهمُ إلا غضنفرُ ضَيغم
*
لهم مَشرَبُُ من عهد “عمار” لم
يَزل يمورُ بهم، والحادثات عَرَمرَم!
*
فما وَهَنوا يوماً ولا طاشَ سهمهم
اذا ما غلتْ بالقوم في الدٌّين أسهُم
*
سلام عليهم ما أعز جنابهم
وأكرمه حيث الجلال المخيم
*
فيا “منح ” الاسلام ، والدهر شاهد
بمجدك ، والأيام عنك تترجم
*
فكم ذي جلال منك أشرق نوره
علينا، وكم زان البلاد معمم
*
فإنك فسطاط الهدى وصروحه
ومعلمه إن أعوز القوم معلم
*
وإنك من نزوى مقام ومعهد
وإنك من نزوى حسام مقوم
*
ولله من “خلفان” فيك مقامة
يمور بها سيف ، ويعدو مطهم
*
رأى فيك أنوار الاجلة وضٌحاً
فاغراه قلب في هواك متيم
*
وبات يرينا البرق يهتز مغرما
على واحة الفيقين، والبرق يغرم
*
وقال هنا حطٌَ الجلالُ رحالَه
ومن هاهنا ضاء الكمالُ المتمٌم
*
فرعياً لخلفان بن سالم موقفُُ
كريمُُ ، وفَرْق٢ في الكرام مُكرٌَم
*
نمته رجالاتُ الهدى وفحولُه
وقرٌبه منهم فؤادُُ ومعصم
*
فإن سارَ هذا اليوم صَبٌَاً بركبهم
فتلك خلال الشبلِ حينَ يصمم
*
عليهم صلاة الله ما أنجم الهدى
أضاءت، وما لاحت على الأفق أنجم
*
وما “منح” أوحت علينا بوامض
من النور يجلوه البيان المختم !
تنويهات:
١ أجدك: كلمة لها عدة معان، ومن معانيها القسم وهو المراد هنا، قال الأصمعي : معناه أبجد منك هذا، ونصب على نزع الخافض ، وقال ابو عمرو بن العلا: معناه أجدا منك ونصب على أقصد، وقال ثعلب: ما أتاك في الشعر من قولهم أجدك فهو بالكسر .
الفرق: هو المفرق، قال شوقي يخاطب دمشق:
صلاح الدين تاجك لم يجمٌل
ولم يوسم بأزين منه فرق