على قدْر التعبُّّدِ واليقين
تكون رجاحةُ العقلِ الرزينِ
*
وإنْ كانت عبادُ الله تسعى
إلى محرابهِ طوعَ اليمينِ
*
فإنّ حلاوةَ التقوى شراعٌ
من الإيمانِ رفرافٌٌ بِدِين
*
(ومن رضي الحياة بغير دين)
فقد خاضَ البحارَ بلا سفينِ
*
وأمواجٌ تصارعهُ ويبقى
يصدّ بأذرعِ الجهلِ الدفينِ
*
فَلستَ تراهُ إلا في جموحٍ
يشابِهُ فورةَ الثورِ الحرونِ
*
تحاولُ أن تروِّّضَه فيأبى
ويبقى هائجًا في كلِّ حينِ
*
يسائلُ نفسَه ليلًا نهارا
أحقًّا أنتَ في درَكٍ مُهينِ
*
وأنتَ وقد بعُدتَ عن العطايا
من الرحمنِ في الهدي المُبين
*
جعلتَ حياتَك الظمأى جفافَا
ودونَ الرِّيِّ أشواكٌ بِطينِ
*
وهذا ما رضيتَ به، سرابٌ
ستركضُ خلفه عبرَ السنينِ
*
إذا ما المرءُ أدركَ مبتغاه
من الدنيا وغاليها الثمينِ
*
فَكنزُ حياتِه يبقى رصيدًا
من الحسراتِ في رجعِ حزينِ
*
فلا دنيا رَوتْه من هواها
ولا مجدٌ تلا سهرَ الجفونِ
*
ولم يتركْ لأخراه نصيبًا
فأبدلَ كلّ غثٍّ بالسمينِ
*
ولو أضحى له التوحيدُ زادًا
وسارَ بشرعةِ الهادي الأمينِ
*
لَأغدَقَ في حنايا القلبِ فيضًا
من التقوى ونورًا في الجبين
*
وعادَ بِواحةِ الإيمانِ عبدًا
يسابقُ دمعُه نبضَ الوتين
*
وأمسى عاشقُ الأوطانِ نهرًا
من الأشواق في وصلٍ ضنين
*
يناديه لَكَمْ طالَ اشتياقي
وكم للقربِ مشتعلًا حنيني
*
لأنعمَ في رضى الرحمن حرًّا
طليقًا في ربوعِ الياسمينِ