Ayoon Final logo details-3
Search

العلاج الإبداعي بالكتب

الدكتورة فريال عبدالله أستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية

إنّ لفظة “العلاج بالكتب” غير موجودة في القاموس الفرنسي، فهي كلمة من أصول يونانية وتقسم الى كلمتين: كتب وعلاج. هذا التعريف الذي يبدو بسيطاً، يطرح عدة اسئلة معقدة مثل: ماهو الكتاب؟ وماهي القراءة؟وماهو المرض؟ وأي معنى نعطيه للعلاج؟هل هو فقط الشفاء.؟

في العالم الأنجلوساكسوني، وبدون أن نعود كثيراً الى الماضي، فإن كلمة العلاج بالكتب ليست جديدة لانها موجودة في الوبستر الدولي بالتعريف التالي: “استخدام أدوات القراءة المختارة كمساعدات علاجية في الطب والطب النفسي، وكذلك التوجيه في حل المشكلات الشخصية من خلال القراءة الموجهة” .

ونشدّد من خلال ما تقدّم على دور العلاج بالكتب كتقنية مرافقة ومساعدة، ومن هنا ننطلق للحديث عن العلاج الإبداعي بالكتب والذي تعرفه REGINE DETAMBEL بأنه عبارة عن “ترفيه ثقافي علائقي يحشد أدوات مختلفة ويسمح بمرافقة جميع الجماهير التي تبحث عن معنى للحياة أو مساحة للتهدئة :الأطفال، المسنين”.

وتتلخص أهدافها حسب REGINE بما يلي:

-توفير مكان للموارد التعبيرية والإبداعية، وتحسين جودة استقبال الجمهور الضعيف أو الذي يعاني من مشاكل.

-المساهمة في الصحوة الرمزية لدى الأطفال، وتعزيز تكوين الروابط والعلاقات.

-مرافقة البالغين الذين يبحثون عن معنى الحرية والهدوء.

-تغذية وتنشيط نفسية المسنين المعزولين في المؤسسات.

-السماح للمرضى بإعادة اكتشاف انفسهم (الإدمان، الآلام المزمنة).

-ايقظ القدرة السردية والذكريات وإعادة إطلاق الإبداعية لدى كلّ منا.

وبالتالي، فإنّ العلاج الإبداعي بالكتب هو في خدمة الرفاه الفردي والجماعي، فالهوية السردية تتغذى من القصة، فالإنسان مجرد قصة، حتى أسمائنا عبارة عن قصة. ونحن نقدم قصص لها تأثير ثقافي علاجي ومن خلال القراءة والصوت الذي يشكّل هويتنا العلاجية، نتمكن من بناء الجانب العلائقي مع الآخر الذي يتفاعل مع الصوت ومع القصة.

كما أنّ لشخصيات النص دور كبير، لأنها ستكون بمثابة دعم لنا في التعامل مع الجمهور، الذي قد يتماهى مع شخصيات النص ويتفاعل معها. فدور المعالج بالكتب ينحصر في تلقّي حزن وألم الجمهور والرد عليه من خلال الكتاب أو القصيدة. فالمعالج بالكتب هنا يقدّم مساحة من الحرية والهدوء ويساعد الجمهور على خلق مساحة من العالم خالية من القلق من خلال نفض الغبار عن مشاعرهم وتنشيط نفسيتهم وإرضائهم أو استرضائهم.

كما أنّ للكتاب وجه أمومي أو وظيفة أمومية، فهو يقدّم الإحتواء تماماً كالأم. بالإضافة الى أنّ الكتاب يدخلنا في حركة مع الزمن، فمهمته “تبديل الوقت” ، فكأنه يقوم بتبديل وقتنا بوقته، فيقرّب الغدّ للجمهور كما يقرب له ما يحب وما يرغب.

وأخيراً ، الكلام عن العلاج بالكتب يطول ونأمل بأن يأخذ حيزاً قيماً من الكتابات والأبحاث، فالأهم أن نعلم أنه يقدم ضمادة أو بلسم لجرح الجمهور بغض النظر عن هوية هذا الجمهور وعمره، فهو يقدّم قالباً ثقافياً نصبُّ عواطفنا وأحاسيسنا فيه.

secondplay

3 Videos
Play Video

TestPlaylist

3 Videos
Play Video