قضيت الليالي أناجي هوايا
ويغفو على راحتيّ السهر
حديثي عبير يطوف البرايا
يهادي جمالا خدود الزهر
وقلبي يفتش بين الصبايا
عن البدر فازت بأحلى الصور
وروحي استجارت بظهر المطايا
فمنت عليها بطول السفر
أنادي حبيبا قريبا بعيدا
كما الشمس في فلكها والقمر
أمني فؤادي بوصل تطيب
به الأمسيات ويحلو السمر
وما من أنيس وما من جليس
سوى عائذات الندى بالشجر
تعالى ندائي فرق الحبيب
لقلب بشوق إليه انفطر
أطلت ببدر بدا من خمار
وثغر فداه النسيم العطر
وقالت تجمل بصبر قليل
سيأتيك مني الغداة الخبر
فأنى لمثلي بصبر عليها
وهل من محب سلا أو صبر
وكيف انتظاري لصبح قريب
وقلب جريح هنا يحتضر
أليلى أجيبي لقد طار عقلي
وهذا فؤادي طواه الخطر
فإما أذنت اعتلينا نجوما
وإما أبيت التزمنا الحفر
فلما أذل الكريمات دمع
كغيث من المعصرات انهمر
وأمسى هلاكي وشيكا جليا
لمن ساق طرفا وألقى النظر
برفق تدلت رويدا رويدا
وراحت تلملم لي ما انكسر
وقالت فديتك هل من مناص
ودمعك أرق قلب الحجر
فدع كل شيء وأقبل بشوق
إلى كأس عشق خلت من كدر
تذوقت منها عبيرا شهيا
وعذبا نقيا كماء النهر
وأطرقت فيها مليا مليا
إلى أن تعالى نداء السحر
فقالت بصوت خفيض حبيبي
لقد أوشك النجم أن يستتر
فهيا نلملم نجوم الأعالي
ونغزل ضياها عقود الدرر
فرحنا نسافر عبر البرايا
وبين النجوم وتحت المطر
نثرنا ورودا على كل شيء
على راسيات على من عبر
فرشنا الممرات نجما وزهرا
فغنى ربيع الدنا وازدهر
رسمنا وجوه المحبين فرحا
فما من خلاف وما من ضجر
وقلنا لصبح تمهل قليلا
أو اطلب سماء وأرضا أخر
فإنا عشقنا هدير الليالي
وبدرا بوجه بشوش ظهر
ظننا بأنا ملكنا هوانا
وراق الزمان وطاب القدر
وقلنا سنبقى معا في وئام
إذا ما زمان صفا أو غدر
فلما أفاق النهار افترقنا
تلاشى حبيبي وضاع الأثر
كأن التي قد طوتها الليالي
بقايا خيال خبا وانحسر
وما طيف ليلى كليلى ولكن
من الطيف طيف يحاكي البشر
فيا طيف ليلى تشفع لديها
لكم سوف أبقى هنا أنتظر
لقد فات عمري وما من غداة
أتاني من المستبد الخبر
فقل لي بربك أين الليالي
وأين الأماني وأين العمر