(المحقق كونان يبدو واثقاً يعمل جاهداً، لا يخشى المحن)!.. لفتت انتباهي هذه المقدمة للمسلسل الياباني الكارتوني الشهير (المحقق كونان)الذي عُرض سنة ١٩٩٦ ودبلج إلى اللغة العربية سنة ١٩٩٨، وقد بثت المقدمة حديثاً بتقنية الذكاء الاصطناعي بصوت أم كلثوم!.. بدا النشيد بالتوليفة الجديدة كسائق الشاحنة الحوضية الذي خط عليها عبارة تقول: (البحر مالح والناس مصالح)!.. لقد صارت أم كلثوم مثلاً فمنذ أكثر من أربع سنوات أقيمت لها حفلات بتقنية الهولوغرام في مصر والسعودية والإمارات والأردن وكأنها عادت من جديد !
ما هو الهولوغرام؟
يعرفها أهل الاختصاص بأنَّها تقنية تسمح بإنشاء صور ثلاثية الأبعاد باستخدام أشعة الليزر، بحيث تطفو الصورة في الهواء كمجسم هلامي فيه طيف مـن الألوان ليتجسد على الشكل المراد عرضه، وذلك باستخدام جهاز ليزر، ومقسم للأشعة، وعدسات ومرايا،فضلاً عن فلم هولوغرافي. وكلمة هولوغرام حسب المعجم مشتقة من الكلمة اليونانية هولوس، أو ثقب، وغرام، أو رسالة.. وجُربت هذه التقنية لتجسيد ظهور شخصيات شهيرة في أماكن مختلفة، منهم المغنيان مايكل جاكسون وإلفيس بريسلي.
وفي عام ٢٠١٨ استعانت جامعة إمبريال كوليدج لندن البريطانية بتقنية الهولوغرام للأساتذة لإلقاء المحاضرات على الطلاب دون الحاجة إلى حضورهم بأنفسهم إلى قاعات المحاضرات وظهور طيفهم أمام الطلاب!.. فياترى ماذا لو استغنى المحبون عمن يُحبون بهذه التقنية؟
ليست نكتة أن أعلنت شركة Promobot المتخصصة في صناعة الروبوتات في نيويورك عن حاجتها إلى شخص شجاع تشتري حقوق ملامح وجهه بمئتي ألف دولار، لتستعين به في أجهزة الروبوتات الخاصة بالشركة التي ستعمل في الفنادق، والمولات التجارية، والمطارات في ثلاث وأربعين دولة بصفة إداريين ومروجين ومرشدين (بعض الناس مستعد لبيع وجهه بأقل من دولار !).
إنَّ بيع ماء الوجه كناية عن التفريط بالعزة والكرامة في طلب الحاجة لكنَّ التقنيات الحديثة جعلت من ذلك البيع شطارة تجلب المزيد من الأموال، ومن ذلك الممثل الأمريكي بروس ويليس الذي أقدم على بيع حقوق ملكية وجهه إلى شركة مختصة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التعلم الآلي؛ إذ يسمح ذلك للشركات باستخدام وجهه في أعمالهم القادمة، بعد اعتزاله التمثيل في شهر آذار الماضي إثر إصابته بالحبسة الكلامية (فقدان القدرة على الكلام)، وهو مرض يؤثر على النطق وعلى قدراته المعرفية والإدراكية فضلاً عن إصابته بمرض (الخرف الجبهي الصدغي).
والسؤال الوجيه الذي يطرحه المختصون هو: هل نحنُ مقبلون على الانتقال من العصر الافتراضي إلى عصر الاحتيال الجديد بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد على عمليات الاحتيال والتزوير على اختلاف أشكالها، وقد صارت مجانيةً، ومتاحةً للجميع، ودون الحاجة حتى إلى إتقان أجهزة الحاسوب أو عمليات البرمجة، وهو ما يزيد من وتيرة التحذير من خطورة هذه التقنية على المنظومة الاجتماعية القائمة على التفاعل الاجتماعي البشري. والتي تقع في مرمى نيران المحتالين أكثر من غيرهم، ويصف علماء الاجتماع هذه التقنيات بالغول القادر على فصل المجتمع عن طبيعته مع الإقرار بعجز الذكاء الاصطناعي عن امتلاك المنطق، والمشاعر، والأخلاق !