قدم الروائي الدكتور محمد أبو ناموس تسع روايات حتى الآن، مشغولة بالهم الوطني وقضايا المجتمع الفلسطيني والعربي والإنساني: في الحرية والعدالة والدفاع عن الوطن والمواطن… يعتمد أبو ناموس في كتاباته الروائية على الحوار بشكل أساسي، وتدل رواياته ذات الطابع الفكري على معرفة متنوعة وثقافة واسعة؛ بأخلاق الناس وعاداتهم في مجتمعه، وكذلك معرفة وخبرة بالخارطة الفكرية والاجتماعية وتياراتها في المجتمع وتحولاتها، ومعايشة مكونات المجتمع السياسية وطروحاتها.
في جميع روايات أبو ناموس تقديس لقيم النضال والاخلاص للوطن، والحرص على مستقبل الوطن، وتحقيق العزة والكرامة للبسطاء، والانتصار لأفكار التقدم والحرية والديمقراطية.
عنوان هذه الرواية “الملاك الأزرق” يقدم أيضاً انتصاراً للطبقة العاملة المتمثلة بشخصية أبي وردة الزبال: وهو عامل النظافة في الحي… الذي ينظف أوساخ الناس، وهو أنظف الناس فكراً ويداً.
تضم الرواية مئة فقرة وفقرة في ثلاثة أجزاء:
تعتمد على الحوار من المقطع الأول حتى المقطع الأخير، وتشرح الشخصيات مواقفها وأفكارها من خلال حواراتها.
يتضمن الجزء الأول حوارات شباب الأسرة داخل منزل (أبي وردة).
ويتضمن الجزء الثاني حوارات الشخصيات بعد الأحداث الاجتماعية في الأسرة، وأهمها زواج وردة من صامد (الشاب المتنور)، وزواج مولانا (الشيخ) من الراقصة انشراح.
ويتضمن الجزء الثالث تحولات الشخصيات وتصادمها بعد أن ظهرت على حقيقتها، وتوجهاتها بتأسيس الشركات الربحية (عائلة مولانا)، والجمعيات الخيرية (أبو وردة وأم وردة ووردة)، وأخيراً الانسحاب كلياً من الحياة الاجتماعية وهجرة البعض خارج الدولة (أبو فرج وأبو سند).
كل شخصية في رواية “الملاك الأزرق” تحكمها منظومتها الفكرية وأصولها الفلسفية أو الدينية أو الاقتصادية… في تقديم الأفكار والحلول لأزمات المجتمع ومشكلاته. لذلك تتقابل الشخصيات في الرواية، كما تتقابل التيارات السياسية في المجتمع.
وأسماء الشخصيات في الرواية تعبر عن هوياتها: فتجد وردة وزوجها وأباها وأمها وأبا سعد هي المجموعة المتنورة في الرواية التي تدافع عن قيم الخير والحق والجمال، وتنتصر للفقراء والمظلومين، وتعمل على رفض التطرف والانغلاق، وتجهد لمقاومة الفساد والتجهيل. وعلى الجانب الآخر من الرواية شخصيات (أبو العز الانتهازي، ومولانا المتدين المتطرف، وانشراح الراقصة…) هي المجموعة التي تعمل لمصالحها الذاتية وتكيف الدين والأخلاق لخدمة هذه المصالح. وبين هؤلاء تقف (مجموعة أبو سند وأبو الفرج) التي تميل كيفما تميل السفينة… وحين تشرف السفينة على الغرق تغادرها إلى غير رجعة.
تتجاوب الرواية زمنياً مع معطيات الأعوام 2020-2023 بتعليقات الشخصيات على انتخاب الرئيس الأميركي بايدن وتطورات الأحداث في أرض فلسطين واستمرار الإجرام الصهيوني ضد شعبنا.
تتفاعل شخصيات الرواية مع أحداث المجتمع العربي الراهنة، وتجيب عن هذه الأحداث حسب موقع الشخصية وقناعاتها. لذلك تجد مسار الشخصيات معبراً عن واقعنا ومشكلاتنا؛ لأن الرواية هي جزء من الواقع الاجتماعي للناس، يوافق ذلك تطور الشخصيات في الرواية، وفي الحياة، لتحصد ثمار مبادئها ونهجها، باتساع مشاريعها وأساليبها في العمل: خيراً بخير أو شراً بشر.
لتصل الرواية إلى أن أية أزمة تصيب المجتمع: يجب أن لا توقف جهودنا للوصول إلى أهدافنا وطموحاتنا.. أسرة أبي وردة – التي هي المجتمع – يجب ألا تتخلى عن الأمل بالوحدة والتماسك والحرص على تطوير محيطها، وضم الجهود لتحقيق أهداف الإنسان في الحرية والكرامة، بكل ثقة.
الروائي محمد أبو ناموس يطور فهمه لتقنيات العمل الروائي: من رواية: “حراك الشهداء” إلى “القبض على جميلة” إلى “اليباب” إلى “بساط الريح” إلى “أم البوية” إلى “الملاك الأزرق”… روايات تعبر عن شخصية الروائي محمد أبو ناموس في سبر أغوار النفس الإنسانية، واكتشاف مكنوناتها، وتدل على معرفة تتعمق عند الروائي في فهم المجتمع واستشراف مستقبله.