في عام 1983 كتب الشاعر محمود درويش مجموعته الشعرية “مديح الظل العالي” حاملةً رُؤيةَ الشاعرِ التي تجاوزت حَدَّ زمانِه.قال فيها:
سقطَ القِناعُ عن القناع،
لا إخوةٌ لك، يا أخي،
لا أصدقاءُ، يا صديقي،
لا قلاع، لا الماءُ عندك،
لا الدواءُ ولا السماءُ
أما أنا فأقولُ:
سَقَطَ القِناعُ عن القِناع
لا أصدقاءَ ولا قِلاع
*
لا الماءُ عندَكَ لا الدَّواء
لا لُقمَةٌ تَكفي الجياع
*
ياحَبلَنا السُّريَّ، طُهرُكَ
نَازِفٌ حَتَّى النُّخاع
*
درويشُ قد ضاعَ الكلام
وهُراؤنا الشِّعريُّ ضاع
*
درويشُ أتعَبَنا الأسى
وتَشَرذَمَت كُلُّ البقاع
*
ذُبِحَت قَوانينُ السماءِ
وعاشَ قانونُ الضِّباع
*
يا أيُّها الغَزيُّ قاوم
وَلَّى أوانُ الانصياع
*
اذهَب وربَّكَ قاتِلا
واحسِم مَيادينَ الصِّراع
*
فالقاعِدون تَمترَسوا
يَستَمتِعونَ بِما يُشاع
*
بأنَّكَ المَأسورُ والمَأزومُ
والمَكسورُ في شَتَّى البِّقاع
*
وبأنَّكَ المَجروحُ والمَقتولُ
وبأنَّكَ المُلكُ المُضاع
*
سَقَطَت ذِراعُكَ لا تَقِف
اصبِر بِقَدرِ المُستطاع!
*
جَمِّع هُمومَكَ وانطلِق
واحمِل عَصاكَ بلا ذِراع
*
أَغمِض عُيونَ مُكابِرٍ
فَزَمانُنا زَمَنُ الضَّياع
*
اصمِت فَصَمتُكَ لاذِعٌ
في غَزَّةٍ سَقَطَ القِناع
*
اصمِت لآخرِ مَرَّةٍ
وسَيَنتَهي كُلُّ النِّزاع
*
يَأتونَ عُشَّاقَ الحياةِ
يُغادرونَ بلا وَداع
*
لا تَلتَفِت للمُرجِفين
إنَّهم سَقَطُ المَتاع