Ayoon Final logo details-3
Search

“إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ”

القوة في اللغة “نقيض الضعف وأصل هذه المادة يدل على الشدة؛ وهي مصدر للفعل (قوي) (يقوى)، ويقال (قويٌّ) على الأمر إن كانت له طاقة على فعله، والقوي: خلاف الضعيف. أمّا معنى (القوة) اصطلاحاً؛ فقد قال السيوطي القوة: مبتدأ كل فعل في البدن.
وعليه فم أراد النجاح والانتصار فعليه؛ أن يتخذ الأسباب المناسبة لذلك؛ فلا يمكن أن تستعين بضعيف وتريد النجاح أو الانتصار وتترك الأمور تمضي على عواهنها، ثم وتطلب من الله المدد والعون، واعلم أنك لن تدرك النجاح وتحقق الانتصار إلا من خلال الانتقاء والاختيار الصائب؛ فالله تبارك وتعالى خلق لنا العقل وجعله مناص التدبير، وجعلنا نفكر ونميز ونوازن بين جميع الاتجاهات حتى يحدث ما نتمناه ونرتجيه. فمن هنا يأتي التوفيق والنجاح، فالعمل بالمنطق سُنَّة إلهية وضعها الله في الأرض.
والقرآن يحتوي على قصص وقعت حقيقةً، وأمثال مطابقة للواقع المعاش في كل زمان ومكان، وشرائع سابقة جاء القرآن مكمّلا وخاتما وإجمالا وتفصيلا لها قد ساقها للناس تبصرة وهداية وقدوة حسنة. فها هو يحكي على لسان ابنة نبي الله شعيب “قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” [سورة القصص: 26]، وهنا تأتي مسألة الاختيار بدقة متناهية ولم يأتِ كلامها تزلفاً واعتباطاً، وإنما جاء بعد ما رأت ابنة شعيب في سيدنا موسى – عليه السلام – وهي لا تعرفه، من القوة والأمانة، وكان هذا كفيل بأن يرقى بهذا الوصف والذي جعله الله في كتابه العزيز منهاجاً وعبرةً لعباده الأخيار حيث أتى الاختيار المناسب، وكانت المعيارية الواقعية نابعة من “التجربة”. ومن فهم هذه الآية وعمل بمقتضاها فإنه حتماً سينتصر وينجح نجاحاً باهراً وهذا المنهج يسري على كآفة الأصعدة في الحياة.
وفي موضع آخر نرى نبينا موسى – عليه السلام – يطلب من ربه أن يكون معه أخوه هارون ردءا له؛ ليكونا معا أمام فرعون جبار الأرض في زمانه فدعا ربّه: {واجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ونَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً} الوزير المعاون وهو من الوزر بمعنى أنه يحمل أوزار الأمر معه أو من الوزر بفتح الواو والزاي بمعنى: الملجأ وهو بمعنى أنه يلجأ إليه في الملمات أو من المؤازرة بمعنى (المعاونة). والوزير الصادق المخلص فيه هذه المعاني كلها فهو يحمل التبعات وهو ملجأ في الملمات وهو معاون عندما تشتد الأمور وتدلهم يعين برأيه وتدبيره وقد ذكر أن يكون الوزير من أهله وعين وزيره بالذات وهو أخوه هارون وقد ابتدأ بذكر الوزير مطلقا ثم خصه أن يكون من أهله ثم خصصه أخيرا بأن عينه بالذات ولقد قال في سورة القصص ﴿وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون﴾ [ القصص: 34].
وينبغي أن نفهم بصورة أوسع معنى القوة؛ فالقوة ليست في القوة الصلبة فقط فهناك القوة في التسامح والقوة في العفو والقوة الناعمة فبعد الحرب العالمية الثانية أدركوا ذلك جيداً السياسيون والمنظرون من خطورة القوة الصُّلبة والتي تتمثل بالحروب بالجيوش والعُدّة والعتاد والتي لم تأتِ على البشرية إلا بغير الهلاك والدمار؛ فلذلك اتجهوا كثيراً إلى القوة الناعمة؛ ولاسيّما الصين؛ فبينما الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها في حربها على العراق كانت لها انعكاسات سلبية كان اتجاه ذلك على مكانتهم الدولية والمجتمعية فالثقافة أصبحت تأيد القوة الناعمة والتي تأتي ثمارها بأحلى حلة وأبهى صورة.

secondplay

3 Videos
Play Video

TestPlaylist

3 Videos
Play Video